ثلاثة إنتفاضات شعبية مضادة للنظام الايراني ولاتفصلها عن بعضها البعض سوى مسافات زمنية قصيرة نسبيا، لکن النظام مع ذلك باق ومستمر ولذلك فإن تهديده بالسقوط هو المستحيل! هذا هو التبرير الذي يسعى النظام الايراني لطرحه أو الإيحاء له على الدوام بهدف تحقيق هدفين مهمين؛ الاول هو إحباط الهمة والعزيمة المعنوية للشعب في رفض النظام ومواجهته من أجل إسقاطه، أما الثاني، فهو التأکيد للمجتمع الدولي بأن النظام قوي ومتماسك وليس هناك من أي إحتمال لإسقاطه!
هل إن النظام قوي ومتماسك حقا وهل إن إسقاطه هو المستحيل بعينه؟ لو نظرنا للإنتخابات التشريعية الاخيرة التي أجراها النظام في الاول من مارس الجاري وماتمخض عنها، فإن الذي يمکن إستنتاجه عکس ذلك تماما، ذلك إن النظام الذي قام بالتحشيد لهذه الانتخابات لأشهر من أجل أکبر مشارکة شعبية فيها وبعد أن خطب المرشد الاعلى للنظام وعلى غير عادته لأکثر من ثمانية خطب تدعو الشعب وتحفزه للمشارکة في هذه الانتخابات الى الحد الذي کان يعتبر فيه عدم المشارکة بمثابة تصويت لصالح الامبريالية الامريکية وإسرائيل ولکن، وخلافا لمعظم الانتخابات السابقة، فقد شهدت نسبة إقبال متدنية صدمت النظام قبل غيره وأثبت حقيقة إن الشعب ليس متحامل وساخط على النظام فقط، بل وحتى لايزال يتحين الفرصة المناسبة لکي ينقض عليه ويلحقه بسلفه النظام الملکي.
الانتخابات التي أجراها النظام وخطط لها بکل مافي وسعه، کانت في الحقيقة محاولة واضحة من جانبه لکي يظهر نفسه أمام العالم من إنه لايزال قويا ويمسك بزمام الامور وإنه يحظى بقاعدة شعبية، ولکن الفشل الذريع للإنتخابات وحتى التندر بها والسخرية منها داخليا وخارجيا، کشف عجز النظام وضعفه، ولعل إن زعيمة المعارضة الايرانية، مريم رجوي، کانت محقة تماما عندما أعلنت بعد هذه الانتخابات الفاشلة إن النظام في أضعف حالاته وهو يتظاهر بالقوة من أجل تفادي السقوط.
النظام الذي يدعي القوة والتماسك، فإننا لو نظرنا الى الجانب الاقتصادي مثلا والذي کان ولازال أحد الاسباب الاساسية في إندلاع الانتفاضات الشعبية ضده، فإننا نجد إن التضخم الذي عانى منه النظام کثيرا ودفع ثمنه الشعب من قوته اليومي، قد بلغ حاليا وبإعتراف مسٶولين في النظام أکثر من 44%، وهي نسبة مروعة مع ملاحظة إن هذا الرقم معلن من جانب النظام ولذلك فإن الرقم الحقيقة مفزع ولذلك فإن الاوضاع الاقتصادية بالغة الوخامة وحتى إنه يمکن القول بأن الاقتصاد الايراني قابل للإنهيار في أية لحظة من جراء ذلك وأسباب أخرى، أما الاوضاع الاجتماعية والامنية فحدث ولاحرج ومجمل القول فإن الاوضاع برمتها تعتبر على أفضل مايکون لإندلاع إنتفاضة نوعية بوجه النظام وهي لاتنتظر إلا الشرارة التي تشعلها!